اعذروني فما سأتحدث فيه اليوم لا يصلح الا ان اتحدث به بالعربية. ففعلا ما شاهدت و رأيت و أحسست جعلني ادرك انني عشت تجربة لا أقدر على وصفها الا كالهبوط من الجنة الى الارض.
فقد هبطت من جنة تعيش فيها كل حقوق الانسان الى مكان تشك ان ساكنه انسان. هبطت من من جنة تزخر بالامان الى ارض القانون فيها شريعة الحيوان. اصبت بصدمة ثقافية ايجابية حينما رايت و شاهدت اليابان بابداعاتها و نظامها و شعبها ، و ها أنا اليوم أصاب بصدمة ثقافية سلبية حينما غادرت اليابان و انتقلت لاسبوع واحد الى الصين.
الصين. تلك الامبراطورية العملاقة التي طالما هابها و ما يزال العالم. الصين ، التي علمونا انها قاب قوسين او ادنى من ان تحكم الارض. أقول فأطمئنكم، ما زال امامها شوط طويل كي تلحق او حتى كي تقارن باليابان او بدول اقل مرتبة من اليابان و غيرها. لم يحتج الامر سوى نصف ساعة على ارض الصين كي ادرك انني هبطت من الجنة الى الارض. فكما احتاج الامر الى نصف ساعة كي ادرك ان اليابان هي جنة الكرة الأرضية ، أيضاً احتاج الامر نصف ساعة او اقل لأدرك ما أدركته عن الصين تعرضت خلالها الى محاولة اختطاف و محاولة نصب و احتيال. نعم في نصف ساعة حدث كل هذا على الرغم من انه لو لم يحدث لما تغير رأيي قيد أنملة لما رأيته من الصين كدولة.
لن أتحدث عن تفاصيل ما جرى معي شخصيا معتبرا ان ما حدث هو "حالة خاصة استثنائية" رغم انني اشك في ذلك، لكني سأتحدث عن ظواهر اخرى حدثت أمامي و تكررت بشكل يجعلها من المستحيل ان تكون حادثة استثنائية. فمثلا بمجرد خروجك من المطار يتهافت عليك موظفوا الفنادق و شركات الاتصالات بشكل غير حضاري املا في الحصول على جزء مما تحمله من نقود. فالصين دولة ذات دخول متدنية و حتما اي سائح فيها هو أغنى من المعظم في الصين. ولذلك الناس معظمها في المطار تنظر لك نظرة موحدة هي كما ينظرون للدولار. فتجد في اعينهم شراهة غريبة لم تعهدها حتى في أسوء ظروف دولنا العربية. بسيطة.
ان حاولت ان تشتري غرضا و شاء الله ان تدفع بورقة نقدية عالية تساوي عشرين دولار مثلا، ففي البداية سيرمقك البائع بنظرة ( و في حالتي أنا شخصيا البائعة) تجبرك على أن تركع و تعترف بأي جرم من قسوة تلك النظرة!! فانا مثلا عندما رمقت تلك النظرة كدت ان اعترف انني لم أغسل يدي قبل وجبة الغذاء اليوم!!! تلك نظرة تأتيك لأنك تحمل فئة عالية من النقود و بالتالي اغلب الظن انك اما سارق او مخادع. ثم ما يلبث البائع ان يرفع الورقة النقدية باتجاه الضوء ليتأكد من شرعيتها و انها غير مزيفة. و حتى عندما يتأكد فانه يبدأ بالصراخ في وجهك باللغة الصينية غير مفهومة الملفظ لكن مفهومة المقصد "ما في فراطة؟؟؟" فتهز رأسك نافيا فيزمجر البائع لاعنا حظه الذي قاده الى ان يقبل بورقة نقدية من فئة عالية على الاغلب -حسب ظنه- مزيفة!!! هذا لم المشهد لم يتكرر مرة او اثنتين بل في كل مرة تبضعنا فيها و من أماكن مختلفة. و هنا تسبح ذاكرتي إلى مشهد البائع الياباني الذي يركع لك و يكاد يسجد شاكرا لك التبضع من متجره حتى لو دفعت ورقة مئة دولار لشراء اصبع حلوى بدولار واحد.
طبعا في السيارة المشهد عني ليس بغريب. الزامور و الضجة تستخدم دائما الا عند الضرورة. الدراجة تسابق الحافلة و السيارة تسابق الدراجة و سائق التكسي يفتح شباكه ليبصق على الشارع، او على سيء الحظ المار في تلك اللحظة. و طبعا التاكسي و بتصرف طبيعي يلتقط أكثر من زبون في نفس السيارة و الناس نفسها تقوم بإيقاف التكسي المشغول لأنها تعلم أنه ما زالت لديها فرصة بالركوب. هذا غير المذياع ذو الصوت العالي او تلك السيدة لم تجد مكانا افضل من وجهي لقشور لبها و من فمها مباشرة!! و طبعا لن أنسى منظر السيارات القادمة باتجاهنا بسرعة رهيبة و الموت الذي حام حولنا لان سائقنا العزيز فضل القيادة عكس السير ليتجاوز الحافلة على طريق رئيس! و طبعا لم ألمه كونني لم اعلم فعلا ايهما اتجاه سيرنا نظرا لان الجميع يسير في مسارب و اتجاهات الجميع!! فدقائق معدودة على احد شوارع الصين تخبرك ضعف التنظيم في حركة السير بل في الناس انفسهم الذين يسيرون في كل مكان حتى في منتصف الشوارع الرئيسة. هذا بالاضافة الى الدراجات ( الموتورات) التي تسير على الارصفة بشكل طبيعي بين الناس و كأن سائقها يظن أنه يركب دراجة هوائية!!
في المطار كدت ان أخسر تذكرتي كونني لا اجد مبنى المسافرين، و لا لائحة واحدة تشير الى مكانه. و عندما حاولت ان أسأل أحدا فان أفضل رد حصلت عليه هو التجاهل. و لك ان تتخيل شعوري عندما اصطففت في الطابور مرتين اقلها لنصف ساعة لاكتشف بعدها انني اقف في المكان الخطأ. و طبعا الذنب ذنبي لأنني أمي احتاج ان أقرأ كي اعلم اين اتجه و هذا المطار غير مخصص للقراءة فلا لوحات لا هنا و لا هناك. عندما خرجت من المطار حين وصولي كان الظلام دامسا لدرجة انني لم استطع رؤية كف يدي. لم استطع تمييز اين أسير لعدم توافر حتى ضوء إنارة واحد -بدون اي مبالغة- في المكان. و طبعا شرطي المطار ينظر من بعيد مستهزئا من ارتباكي و معه حق فانا سائح "غني" استحق ما يحصل لي. و هنا استرجعت ذاكرتي كيف انني و بعد اقل من ١٢ ساعة على و صولي طوكيو استطعت الذهاب الى الطرف الاخر من المدينة لوحدي كي أحققه حلمي بالوصول الى اكيهابرا مدينة التكنولوجيا و ذلك لوجود اللافتات التي توصل حتى فاقد البصر!!
قد يستغرب قارئ هذه الكلمات فانا عربي و ما ذكرته هنا يحدث و يتكرر في اي دولة عربية فلم الاسغراب لهذا الحد. اجيب و اقول نعم يحدث في عالمنا العربي و لكن لا تنسى اننا شعب عندنا اله معظمنا يخشاه. فتخيل الصيني كالعربي الذي لا يخاف الها و لا يخشى احد. ففي بلاد العرب ان. ضعت سألت فوصلت. و ان شعرت بالوحدة تجد مئة يد تمتد لمساعدتك. و على اقل تقدير تستطيع قراءة ما يدو حولك فاللغة لغتك و زمام الامور بيدك.
أخيرا اقول: هل تجربة الصين كانت كلها سلبية؟ لا ابدا. كانت هناك العديد من الإيجابيات في تجربتي بشكل خاص و بعض الايجابيات في الصين كدولة بشكل عام. لكني سأذكرها في مقال لاحق ان شاء الله.
7 comments:
Translation into english would be awesome, good blog by the way!
الحمدلله على السلامة سندووو!!
خليتني أفكر للحظة شو رح أعمل لو رحت على بلد لا الانجليزي ولا العربي ولا الياباني بمشي فيها!
بس الوضع مأساوي هيك وين بالصين نزلت؟
! =D لازمها أحمد الشقيري
Haha! Nah keep up the good work, and I'm happy :P. Guess this stays un-translated :)
Sorry, as my native language is Arabic and this article could not be expressed any better than by using my native language!
Enjoy the rest of the blog though, the Arabic articles are kind of rare here.
Nice :) It's ok.
Well, Japan is a developed country after all. It excels at various aspects of life (except spirituality and religion I guess). I believe one can't find a country as organized as Japan anywhere in the world.
P.S. I enjoyed reading your Arabic :)
Maybe going to China from any other different country would make it look different.
Maybe its my problem I visited it coming from Japan!
Post a Comment