While being alone in my small room....

فجأة .. وجدت نفسي في بلد لا يفقه شيئا في اللغة العربية.. فجأة .. و جدت نفسي احمل على كاهلي أكبر قدر من المسؤولية.. في أقصى شرق القارة الآسيوية .. في بلد التقدم العلمي و المعدات التكنولوجية .. ما كان بالامس حلم من أحلامي الوردية .. يتحول اليوم الى حقيقة واقعية .. أتحدث اليكم اليوم ، من مدينة طوكيو اليابانية ..

ااااه .. و ااااه .. ااااه على بلد لا ينفع فيها اسم ولا جاه ، في جزيرة محاطة بأكملها بالمياه. اه على اناس لا يشبهوننا لا بالعين و لا الأنف و لا الفاه ، و لن استغرب ، فهذه بلد التنانين و الزمامير و الطبول ، ساكنها بالوقت دقيق و دائما عجول ، لا يعرف معنى الخمول ، كونه لا يأكل الحمص أو الفول ، بل يذبح و يأكل الخيول. الشعب الياباني ، عن التعريف غني ، لا شيعي و لا سني ، بل راهب أو بوذي ، شعب قوي ، بالعمر فتي ، و بالعمل جدي.

طوكيو اليابان ، هي حلم كل انسان ، التكنولوجيا عنده ادمان. طوكيو المدينة ، التي نهضت بعد ان كانت دفينة ، بعد أن كانت حزينة ، و بيد الامريكان عجينة. نهضت اعلى النهضات ، قفزت اعلى القفزات ، تفوقت على الدول الكبريات ، لا بصناعة بل بصناعات. و بشعبها ذو الطموحات ، انشأت أرقى إعمار و بنايات ، من اسفلها تجري القطارات ، بنظام صارم ، بتوقيت حازم ، بسير جازم ، بسرعته للضوء ملازم. و بثغر طوكيو الباسم ، المنزوي و للعالم مسالم ، توجد كبرى المصانع ، المصدرة لأحدث البضائع ، و اجودها بلا منازع. بطوكيو ، ليس غريبا ان تصبح أو تمسي جائع. فالغلاء شديد ، الازدحام عديد ، الطعام نيء بليد ، و الطقس جليد. لكن ، و بشكل فريد ، طوكيو هي عاصمة التكنولوجيا في العالم أجمع. و من يرى ليس كمن يسمع. ففعلا ، الشعب الياباني أبدع. و في البحث العلمي هو الأسرع. فوصل اكتشافات هي الأروع.

حتما ، سأرتاح في هذا المكان. فهنا "لا للعنصرية" هو العنوان. لو ذهبت الى امريكا ملكة هذا الزمان ، لذقت من انواع التعصب ألوان. لو بقيت عند حبيبة قلبي عمان ، لانتهى بي المطاف أنام عطشا أو جوعان. فشهادتي بعظمتها لن توفر لي السولار و سأبقى بردان. ماذا سأفعل في عمان؟ لو ذهبت لقضاء الوقت على جسر عبدون ، لقالوا عني هذا ليس بمهندس بل مجنون. أو لربما تفكرت بالحياة و صعوبتها و تملكتني الشجون ، فقفزت من اعلاك الى أسفلك يا عبدون. ففي النهاية ، الجسر ما بني الا لجذب العيون! فالانتحار بالاصل هو نوع من الفنون ، سيجذب السياح اسرع من اي جسر تبنون.

انهيت ثانويتي من عمان الحب. و حصلت على معدل كاف لدخول الهندسة أو الطب ، لأتفاجأ بسهم أصاب القلب. علي أن أدفع للجامعة الاردنية رسوم ، على الرغم من تفوقي المعلوم. و بعد ان كنت فائزا أصبحت كالمهزوم. و حلمي بدخول الجامعة أضاف على عائلتي الهموم. اخترت الهندسة و بتفوق حصلت على الشهادة. فحق لي الحصول على منحة من الجامعة كالعادة، الا أنهم طلبوا مني مئات آلاف الدنانير بلا نقصان أو زيادة. و الا فاقرأ على دراساتي العليا السلام ، و فلتبقى دوما في خانة الأحلام ، فانا لن اقدر على مصاريفها مهما مرت الأيام ، حتى لو عملت بلا كلل دون أن انام. و بدون أدنى تردد ، ازالوا اسمي من القائمة ، بابتسامات على وجوههم جاثمة. لأني لا أملك الألوف و جيبي عن الأموال صائمة.

أدركت ان هذا ليس الا ابتلاء ، فرفعت يدي الى السماء ، و دعوت الهي رب الأرض و الفضاء: يا رب ، اغثني و لا تضع لي تعبا أو عمل. و رددت هذا دون كلل أو ملل. حتى اتتني المكالمة المنشودة ، من اليابانيين بدقتهم المعهودة. و بكل ادب كان الحديث بيننا ، عما عندهم و عن ما عندنا: نتعجب حقا كيف يتركون امثالك ! كيف لا يستغلون ما عندك بل يتركوك بحالك!! تعال انت عندنا آت. تعال و رب السماوات ، لن نضيع فرصة كهذه مع أصحاب القدرات. سمي مطالبك سمي امنياتك و ما عندك من حاجات ، اطلب و تمنى ذهبا أو ليرات. نحن نتبناك ، نحن نزيل من طريقك الأشواك. فقط كن عندنا كن منا يا ملاك. انت عندنا ترفع رأس اليابان ، اختراعاتك باسم اليابان ، قدراتك صقلتها اليابان. و بالفعل ، حتى انني لم اطلب اي من الأمور. قاموا بتجهيزي ابتداءا من التذاكر انتهاءا بالمنزل و الراتب و العطور. احسست بان جرحي يزول و سأرجع كالعصفور. أحسست بانني مرغوب بعد ان عوملت كالمهجور. وزنوني بالعقل و ليس بالدراهم و الأموال. تغيرت حياتي من حال الى حال. أخيرا......

أنا بين أناس يقدرون العقل لا المال........